الجمعة، 17 يونيو 2011

ماهية إدارة الموارد البشرية

ما هي إدارة الموارد البشرية







كفاءة المؤسسات تعتمد في المقام الأول على كفاءة العنصر البشري ونجاح المؤسسات يعتمد على إيجاد أفضل العناصر البشرية حتى تتمكن المؤسسة من ضبط الأداء وتحقيق إلى الأهداف الإستراتيجية. تعنى إدارة الموارد البشرية Human Resource Management باختيار الموظفين الأكفأ للعمل في الشركة وأيضاً بالحفاظ على الموظفين الموجودين من خلال وضع البرامج والأنظمة التي تنظم العلاقة بين الشركة والموظفين وتستهدف الحصول على أفضل أداء.
تمكن تقسيم الموارد البشرية إلى عدة أفرع وهي:
  • تخطيط الموارد البشرية HR Planning
  • التوظيف Selection
  • تنظيم الهيكل الإداري Organization Structure
  • التدريب والتطوير Training & Development
  • المزايا والتعويضات Compensation & Benefits
  • مراجعة الأداء Performance Management
  • علاقات الموظفين Employees Relation
تلك الأفرع لا تعمل بمعزل عن بعضها البعض وكذلك لا تعمل بمعزل عن المؤثرات الخارجية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر أوضاع السوق والتقنية والعولمة وغيرها والتي تؤثر بصورة أو بأخرى على المؤسسات وبالتالي يصل ذلك التأثير إلى الأفراد الذين تتكون منهم المؤسسة في النهاية.
أي مؤسسة تسعى إلى ميزة تنافسية إضافية عليها أن تتبنى إستراتيجية متميزة لإدارة الموارد البشرية. الحقيقة أن حجر الأساس بالنسبة إلى إستراتيجية إدارة الموارد البشرية هو العلاقة بين المدير والموظف. تؤكد بعض الدراسات على أن أهم الأسباب التي تدفع الموظفين إلى الاستقالة هو المدير المباشر و ليس الدخل أو الفرصة الأفضل أو غير ذلك من الأسباب. وحيث أن المدير المباشر هو العنصر الأكبر تأثيراً فإن إدارة الموارد البشرية تركز على تطوير طريقة تفكير المديرين في موظفيهم  بحيث تتحول العلاقة – أو تتطور – إلى ما يشبه الشراكة وليس التبعية لأن الشراكة تعني المزيد من المسئولية وتعني المزيد من العاطفة تجاه العمل وبالتالي المزيد من الإنتاجية.
خلال الأعوام الخمسين الماضية ونظراً لتعارض المصالح بين الموظفين وأصحاب الأعمال تبنت الحكومات القوانين التي تنظم العلاقة بينهما كما تحدد حقوق وواجبات كل الأطراف وركزت تلك القوانين على حماية الموظفين من التمييز أو الاستغلال عن طريق تحديد الحد الأدنى للرواتب والحد الأقصى لساعات العمل وتحديد الظروف المطلوبة لبيئة العمل وضمان سلامة العمال.

تخطيط الموارد البشرية

نأتي هنا لتفاصيل عملية تخطيط الموارد البشرية. حيث أن الموارد البشرية تعنى بالحصول على أفضل الأداء وتعيين أفضل المرشحين فإن عملية التخطيط هنا هي المسئولة عن تقييم الموارد المتاحة وتخطيط الموارد البشرية المطلوبة مستقبلاً وتحديد الكيفية... إما عن طريق تطوير الأفراد الموجودين أو الإتيان بآخرين –وهل يكون الاعتماد على العمالة الدائمة أو المؤقتة - اعتماداً على الجدوى الاقتصادية و إستراتيجية الشركة.
بانتهاء عملية التخطيط يكون المدير على دراية كاملة بمتطلباته للمستقبل وبالتالي أصبح في إمكانه أن يبدأ في البحث عن الشخص المناسب. وهنا تأتي عملية التوظيف وهي العملية للمسئولة عن إيجاد الموظف المناسب – بل والفريد إن أمكن - واجتذابه للعمل لدى المؤسسة. عملية التوظيف حقيقة هي عملية شديدة الحساسية لأنها عالية التكلفة والخطأ فيها يصعب إصلاحه بشدة.



منفوووووول

( خالد البلوشي )

تنظيم الهيكل الإداري

من المهام المعقدة لإدارة الموارد البشرية هي تنظيم الهيكل الإداري للشركة وتلك العملية تهدف لعدة أهداف منها ضبط المسئوليات والمهام وتقليل الازدواجية بين العمليات وتنظيم نقل الأوامر من القيادة إلى الموظفين ونقل التقارير في الاتجاه العكسي  وكذلك تهدف لتوفير فرص النمو الوظيفي للأفراد لحثهم على بذل المزيد من الجهد و تهدف إلى إلغاء المهام غير الضرورية.

التدريب والتطوير

بالنسبة لبعض الموظفين تكون عملية التدريب والتطوير هي النقطة الرئيسية عند الحكم على إدارة الموارد البشرية في الشركات التي يعملون بها وذلك لأنها تعني تحسين المهارات وبالتالي زيادة القيمة الشخصية. وتسعى عملية التدريب والتطوير إلى  تحسين قدرة الأفراد على أداء المهام الموكلة إليهم عن طريق زيادة معلوماتهم وطريقة أدائهم للوظائف وتحسين سلوكهم داخل الشركة. عادة ما يقوم المدير باختيار التدريب المناسب ولكن هناك حالات تقوم فيها إدارة الموارد البشرية بالاختيار وكذلك في حالات أخرى يقوم الموظف باختيار التدريب المناسب له.
هناك عدة أنواع من التدريب:
  •  التدريب باستخدام مقرر معين وقد يكون ذلك عن طريق المدرب بصورة مباشرة أو عن طريق الانترنت أو الكتب
  •  التدريب خلال المهمة on-the-job  الأكثر فعالية ولكنه لا يناسب المهام المعقدة والتي تتعدد فيها الخفايا.

تقييم ومراجعة الأداء

أيضاً من المهام الرئيسية لإدارة الموارد البشرية تقييم الأداء والذي قد يسوء لعدة أسباب منها ضعف قدرات الموظف أو غياب التدريب أو غياب الانضباط أو غياب التوجيه. لتحسين الأداء يجب الأخذ بيد الموظف وإجراء التحسين طوعاً ولكن إذا لم يمكن ذلك بسبب رفض الموظف أو عدم الإمكانية فإنه يجب فرض ذلك التحسين كرهاً.
أخر المهام الموكلة لإدارة الموارد البشرية هي التعامل مع النقابات والتي تتحدث بالنيابة عن العمال لضمان حقوقهم.
لعل إدارة الموارد البشرية هو أحد أصعب وأمتع فروع الإدارة وذلك لارتباطه الوثيق بأهم أدوات الإنتاج وهو الموظف أو العامل ولعل القرارات القادمة من إدارة الموارد البشرية هي الأكثر تأثيراً على العاملين في أي شركة وهذا يلاحظ عندما تجد أن الأخبار القادمة من هناك قد تصل إلى الموظفين في دقائق معدودة.

علاقات الموظفين

علاقات الموظفين من المهام التي لا يدرك الكثيرين أهميتها فمثلما تحتاج الشركة للتسويق الخارجي فإنها كذلك بحاجة للتسويق الداخلي. تحتاج الشركة دائماً أن تتوجه نحو الحوارات الداخلية مع الموظفين حتى تتمكن من معرفة مدى رضا الموظفين وحتى تتمكن من التواصل الفعال معهم مما يرفع من كفاءة الإنتاج.

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

دور التأهيل والتدريب المهني في تنمية المهارات البشرية


1. مقدمة

 

يجمع المختصون في مجال تنمية الموارد البشرية على وجود علاقة متينة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفر المهارات البشرية. غير أن كنه هذه العلاقة لا يزال يثر بعض التساؤلات ومحل آراء مختلفة. فالعديد من المختصين يرون أن توفر مهارات كفئة عامل هام من بين عديد العوامل المحفزة على الاستثمار الذي يمثل الركن الأساسي لكل عملية تنموية في حين يرى البعض أن ديناميكية التنمية والاستثمار هي الدافع الأول لتطوير تنمية الموارد البشرية. والواقع أن العلاقة بين الطرفين متشعبة ومؤثرة في الاتجاهين، حيث أن ارتفاع نسق نمو الاقتصاد ينمي طلب سوق العمل على المهارات وبالتالي يرفّع في عدد المقبلين على التدريب كما أن وتواجد العمالة المؤهلة والماهرة بأعداد هامة مؤشر على توفر عوامل إنتاج تمكن من التقليص في كلفة الإنتاج والرفع من مردودية العمل وتحسين جودة المنتج وكلها مؤشرات على توفر الظروف لاكتساب حصة في السوق وبالتالي محفز هام للاستثمار وتوسيع النشاط الاقتصادي. غير أن المكسب الإضافي المتولد عن تواجد الموارد البشرية المؤهلة أو الصعوبات الناتجة عن النقص فيها لا يمكن تحديده بكل دقة. والثابت لدى كل الأطراف أن طرق الإنتاج الجديدة والتي شهدت تطورا هاما خلال العقدين الأخيرين أصبحت تتطلب أكثر من أي وقت مضى العنصر البشري المدرب التدريب الجيد والقادر على تأدية دوره الإنتاجي على أحسن وجه. ومن خلال الدراسات التي تقوم بها أغلب البلدان للنظر في منظوماتها الاقتصادية والاجتماعية وبخاصة مسألة التشغيل يلاحظ التوقف عند ثلاثة محاور هامة هي :
- مناخ الأعمال والمقصود به العوامل الخارجية عن المؤسسة الاقتصادية والمتمثلة في :
القوانين والتراتيب المتعلقة بالمؤسسة الاقتصادية ودرجة الشفافية التي تتعامل بها الإدارة مع الباعثين،
درجة تعقد أو بساطة الإجراءات المعمول بها في إحداث المؤسسات،
الحوافز المتوفرة للباعثين،
الأعباء الموظفة على المؤسسات من أداءات مختلفة وجباية،...
التمويل والبنية التحتية والنقل وكلفة عوامل الإنتاج الخارجية كالنقل والاتصالات،...
المناخ القضائي ودوره في ضمان تطبيق القوانين وحفظ حقوق المتقاضين الاقتصاديين،...
- منظومة التربية والتعليم والتدريب المهني والتعليم العالي ومدى تطورها واستجابتها لحاجيات الاقتصاد من المهارات،
- قانون العمل والموازنة في الضمانات التي يوفرها للمستثمرين وللعاملين.
وسنتعرض في هذه المداخلة المحور الثاني المتعلق بالموارد البشرية وبالتحديد بمسألة التأهيل والتدريب المهني.

2. التدريب المهني عبر التاريخ

يعتبر التدريب المهني والتعليم التقني في شكله النظامي من أحدث أنواع التعليم حيث لم يبرز بالشكل الذي يمكن مقارنته بما هو عليه الآن إلا بعد انطلاق الثورة الصناعية. لكن كل الدلائل توحي بأن جل الحضارات القديمة عرفت أشكالا من التدريب الذي يمكن أن نطلق عليه بالغير نظامي أو الغير مهيكل.
وتبين الدراسات أن جل أنظمة التكوين المهني في أوروبا كانت متشابهة في العصور الوسطى وحتى أواسط القرن التاسع عشر. فمنذ ظهور الجمعيات المهنية Guildes[1] التي تجمع حرفيين ينشطون في نفس الميدان نظمت هذه الأخيرة المهن وفرضت القيود للانتماء إليها وكانت الضامن في جودة المنتج لدى المستهلكين. كما كانت تحدد واجبات المنخرطين في المنظمة المهنية إزاء تدريب المتدربين والمرافقين la formation des apprentis et des compagnons وتحكمها قوانين دقيقة توضح العلاقة بين المتدرب – والمرافق - والمعلّم Apprenti – Compagnon – Maître.
بعد الثورة الفرنسية تم إلغاء نظام المنظمات المهنية من هذا النوع وأطلقت حرية المبادرة مما ساهم، مع تطور الصناعة والحاجة إلى يد عاملة متكونة في وقت وجيز وبأعداد وفيرة، في ظهور تكوين مهيكل ومبني على التعلم والمعرفة والتطبيق. ولعل من أبرز ما تم تدوينه حول المهن والأدوات التي تستعمل فيها ما جاء في موسوعة ديدورو ودلمبار Encyclopédie de Diderot et D’Alembert الصادرة بين سنة 1751 وسنة 1772 والتي تتضمن وصفا دقيقا للعديد من المهن وكيفية ممارستها والأدوات المستعملة فيها.
والمتتبع لتطور التدريب المهني في البلدان الأوروبية يلاحظ أن أهم العناصر التي نحتت منظومات التدريب المهني ترجع إلى ثلاثة عوامل رئيسة :
- إلغاء التنظيمات المهنية المنغلقة من نوع Corporation،
- نسق التصنيع والدخول في الثورة الصناعية،
- تأثير الحركات الفلسفية والثقافية والدينية.
فبرزت ثلاثة نماذج هي :
- المنوال اللبرالي ويمثله النظام البريطاني،
- المنوال المقنن من طرف الدولة مثل النظام الفرنسي،
- المنوال الألماني المعروف بالمزدوج Système dual .
ويمكن تلخيص أهم الفوارق بين هذه النماذج حسب عدد من العوامل في الجدول الموالي :
العامل
المنوال اللبرالي
المنوال المقنن
المنوال المزدوج Dual
التحكم في التنظيم
تفاوض بين الأعراف والعمال ومؤسسات التدريب
الدولة
الغرف :
- الصناعة والتجارة
- المهن أو الحرف
- الفلاحة
مكان التدريب
معاهد التكوين،
المؤسسات الاقتصادية
المعاهد أو مراكز التدريب
المؤسسات الاقتصادية مع تكوين تكميلي بالمدارس
تحديد المحتوى
سوق الشغل أو المؤسسات
الدولة بالتعاون مع الأطراف الاجتماعين مع اهتمام كبير بالمعارف العامة
لجان ثلاثية التركيبة الأعراف، العمال والدولة
التمويل
الأشخاص المنتفعين بالتكوين
بعض المؤسسات بالنسبة لاختصاصات معينة
الدولة ويوجد في بعض الأحيان أداء على التكوين المهني
- المؤسسات الاقتصادية
- يتقاضى المتدرب منحة
- تمول الدولة التدريب التكميلي بالمدارس

3. أنظمة التربية والتدريب المهني والتعليم التقني

تتكون منظومات التربية والتعليم والتدريب المهني والتقني من منظومات فرعية هي :
- التعليم العام ويتكون من التعليم قبل المدرسي والتعليم الأساسي والثانوي وتوجد فروق بين البلدان في تركيبة مراحل هذا التعليم على أن الهيكل البياني العام يتأسس من مرحلة للتعليم الأساسي تدوم بين 8 و10 سنوات وهي عادة ما تكون مقسمة بين مرحلة ابتدائية ومرحلة إعدادية ومرحلة تعليم ثانوي تدوم حوالي 4 سنوات تختم بشهادة انتهاء التعليم الثانوي وتختلف تسمية هذه الشهادة من بلد إلى آخر. وفي اختتام التعليم الثانوي يلتحق الناجون بالتعليم العالي. وتختلف طريقة الالتحاق بالتعليم العالي فتكون عن طريق التوجيه بالاعتماد على النتائج المتحصل عليها أو عن طريق مناظرات خصوصية إلى غير ذلك من الأساليب.
- التعليم التقني والذي يقترب في شكله وفي مناهجه من التعليم العام إضافة إلى مناهج خصوصية في مجال العلوم التكنولوجية والأشغال التطبيقية وغالبا ما تختم بشهادة تشابه الثانوية العامة أو ديبلوم تقني في مجال تكنولوجي معين.
- التدريب المهني ويمكن أن يكون منظما على شاكلة التعليم أو له خصوصياته ويتطلب تجهيزات غالبا ما تكون ذات تكلفة مالية مرتفعة. كما توجد عديد التفريعات التنظيمية بحيث يصبح من الصعب تشخيص كل الفوارق التي تمكن ملاحظتها بين الأنظمة المختلفة. وفي نفس البلد يمكن وجود تنظيمات مختلفة وتتعدد الجهات المشرفة على هياكل التدريب المهني.
وتختلف العلاقة والارتباط بين التعليم العام والتعليم التقني حسب الدول ولا يوجد منوال موحد. ويمكن اعتبار البيان الهيكلي الموالي كنموذج عام للتعليم والتدريب المهني والتعليم التقني مع الأخذ بعين الاعتبار لبعض الفوارق من بلد إلى آخر.

هذا البيان العام يقدم منوالا عاما لمنظومات التربية والتعليم والتدريب المهني لأغلب بلدان العالم وتكمن أهن الاختلافات في الخاصيات التالية :
- تعليم موحد خلال كامل فترة التعليم الأساسي ويقابله في بعض البلدان تعليم أساسي متنوع بداية من إحدى الدرجات الدنيا مثل النظام الألماني،
- أما في مرحلة ما بعد التعليم الأساسي فإنه يلاحظ :
§ تواجد تعليم تقني أو تكنولوجي مختلف عن التدريب المهني بالتوازي مع التعليم الثانوي العام (فرنسا)
§ تدريب مهني تحت إشراف الوزارة المكلفة بالتربية (فرنسا، سويسرا، ....)، غير أنه يتوجب توخي الحذر في الجزم في ما يتعلق بطبيعة أي نظام. ففي فرنسا مثلا التي تعتبر النموذج في اندماج التعليم والتعليم التقني والتعليم المهني في منظومة واحدة فإنه توجد مراكز تدريب تحت إشراف منظمات أعراف إلى جانب تواجد الوكالة الفرنسية لتكوين الكهول المعروفة بتسمية afpa والتي تؤمن جانبا هاما من التدريب المهني بفرنسا.
§ تدريب مهني مستقل بذاته تحت إشراف وزارة غير وزارة التربية
§ تدريب مهني تحت إشراف المنظمات المهنية
- العلاقة بين مسلك التعليم العام والتعليم التقني والتدريب المهني. تمثل هذه العلاقة أحد العوامل الفارقة في منظومات التربية والتدريب وذلك بتواجد أنظمة مندمجة جعلت من التدريب المهني والتعليم التقني أحد فروع منظومة التربية وفي المقابل توخت بلدان أخرى تنظيمات جعلت من التدريب المهني منظومة قائمة بذاتها قد تتكامل مع المنظومة التربوية وقد لا تتكامل معها.
- دور المنظمات المهنية والغرف المختصة (تجارة وصناعة، فلاحة، مهن) في مختلف مراحل التدريب المهني (تشخيص حاجيات قطاعات الإنتاج، إعداد مناهج، إنجاز التدريب، تقييم مكتسبات المتدربين،...
- مدى انفتاح مسلك التدريب المهني والدرجات التي يمكن أن يفضي إليها. ففي بعض البلدان يمكن لمن تابع تدريبا مهنيا بلوغ مراتب متقدمة مثل ديبلوم التقني السامي (فرنسا، تونس، الجزائر، المغرب،...) أو ديبلوم هندسة أو ما يعادله في حين لا يمكن هذا المسلك سوى من الحصول على شهادة مهنية أو شهادة فني.
- طرق تمويل التدريب المهني. وتجدر الإشارة إلى أن التمويل العمومي هو الأكثر انتشارا في كافة أنحاء العالم ويمكن أن يكون هذا التمويل بصفة غير مباشرة عن طريق البرامج الخصوصية لمكافحة البطالة أو البرامج الجهوية أو المحلية. كما أن الجمعيات في الحقل الاجتماعي تساهم في بعض البلدان في تقديم خدمات في مجال التدريب المهني عن طريق أنشطة مختلفة وبرامج متنوعة طبقا لتوجهاتها وانتماءاتها.

4. أنظمة التربية والتدريب المهني والتعليم التقني العربية

اهتمت عديد الأوساط بالتعليم والتدريب المهني والتعليم العالي بالوطن العربي وكُتبت عديد المقالات والأوراق القطرية حول هذا الموضوع ويمكن الرجوع إلى البعض منها عبر موقع واب منظمة العمل العربية[2].
وقد حققت البلدان العربية نجاحا هاما في مجال تعميم التعليم وتطويره، وبلغت أهم المؤشرات الكمية المتعلقة بالتعليم درجات متقدمة[3] :
- بلغ معدل الالتحاق الإجمالي في مرحلة التعليم الأساسي في المنطقة العربية 95 % في سنة 2005 وبلغ معدل الالتحاق الإجمالي في مرحلة التعليم الثانوي 88 % أما في التعليم العالي فقد بلغ في نفس السنة 21 %.
- يتراوح حجم الإنفاق على التعليم في الدول العربية كنسبة من الناتج القومي الإجمالي بين 1.3 % إلى 9.6 %.
ومن المؤكد أن التطور الكمي لم يمُكّن من الاعتناء بالجودة والمردودية فبانت على هذه المنظومات علامات الوهن وضعف النتائج مما جعلها لا تحتل مراتب متقدمة في التقييمات الدولية كما تبينه نتائج تقييمات TIMSS لسنة 2007 بالنسبة إلى الرياضيات والعلوم والتي شاركت فيها مجموعة من الدول العربية[4] :
الرياضيات
العلوم
البلد
المعدل
البلد
المعدل
تيوان
598
سنغافورة
567
سنغافورة
593
تيوان
561
هون كونغ
572
اليابان
554
المعدل العالمي
500
المعدل العالمي
500
لبنان
449
الأردن
482
الأردن
427
البحرين
467
تونس
420
تونس
445
البحرين
398
عمان
423
مصر
391
الكويت
418
الجزائر
387
لبنان
414
عمان
384
الجزائر
408
فلسطين
367
مصر
408
الكويت
354
فلسطين
404
العربية السعودية
329
العربية السعودية
403
قطر
307
قطر
319
ويعزى ضعف هذه النتائج إلى أهم العوامل التالية :
- اعتماد منهجيات في التدريس تركز على الحفظ ولا تعد التلاميذ إلى تملك كفايات التحليل والاعتماد على الذات والتخطيط وكل ما ينمي بناء الشخصية والتشبع بقيم العمل
- اعتماد بيداغوجية لا تجعل من التلميذ محور العملية التربوية والتعليمية بالرغم من أن قوانين التربية والتعليم وكل مشاريع إصلاح منظومات التربية بالوطن العربي تؤكد على ضرورة الاهتمام بالتلميذ وبناء الفعل التربوي من أجله ولصالحه
- هيكلة إدارية تعتمد المركزية المفرطة ولا تمكّن المؤسسة التربوية من أيّ هامش للمبادرة والتجديد
- نقص في البنية التحتية وفي إطار التدريس في عديد البلدان مما توّلد عنه اكتظاظ فصول الدراسة وضعف تعهد إطار التدريس بالتكوين المستمر
- غياب التقييم كممارسة تهدف إلى تقييم مردود المنظومة التربوية والمدرسة والمناهج وإطار التدريس للوقوف على النقائص ومعالجتها
أما أنظمة التدريب المهني والتعليم التقني بالأقطار العربية فهي متنوعة وتشتمل على عديد النماذج وتصعب مقارنتها ولكن يمكن استحضار ما جاء في التقرير العربي الأول لمنظمة العمل العربية حول التشغيل والبطالة في الدول العربية. وخلاصة ذلك أن كل البلدان العربية لها أنظمتها وتتميز بتشعب الجهات الرسمية المشرفة على نظم التعليم التقني والتدريب المهني. كما تعرض التقرير لمسألة التمويل وبين أنه في الأغلب عمومي من خزينة الدولة وأن دور القطاع الخاص لا زال محتشما ولا تتوفر له فرص المنافسة مع القطاع العام الذي يوفر التدريب المهني مجانا.
وتتميز هذه الأنظمة بضعف نظم المعلومات حول سوق العمل والنقص في الارتباط بين مؤسسات التدريب وسوق العمل. ولعل من أسوأ ما يعاني منه التدريب المهني نظرة المجتمع له والتي بقيت تنظر له على أساس كونه مسلك الفاشلين في الحقل الدراسي.
ومن ناحية النتائج لا يختلف الأمر بالنسبة للتدريب المهني عن التعليم حيث تبقى جودة أداء منظومات التدريب المهني في البلدان العربية دون المأمول. ومنذ سنوات شرعت دول عربية (تونس، المغرب، الإمارات العربية المتحدة، العربية السعودية) في المشاركة في المباريات العربية للمهن والتي كانت تعرف حتى سنة 1999 بأولمبياد المهن والتي تنتظم كل سنتين. وخلال الدورة الأخيرة التي التأمت بكندا في شهر 9 من العام 2009 كانت نتائج البلدان العربية ضعيفة حيث احتلت مراتب متأخرة من بين 46 دولة مشاركة كما يبينه الجدول الموالي :
البلد
الترتيب
عدد النقاط
العربية السعودية
39
469.00
تونس
40
466.60
المغرب
41
462.40
الإمارات العربية المتحدة
46
432.89

5. التدريب المهني والعولمة

لا يمكن الحديث على التدريب المهني والتعليم التقني دون التقديم للواقع الجديد الذي فرض نفسه منذ سنوات والمقصود به العولمة[5]. وتعني العولمة باختزال شديد، سقوط الحواجز وتلاقح الحضارات وتقارب المسافات واجتياح اقتصاد السوق كل البلدان وشراكة دولية متشابكة المصالح وذيوع استخدام وسائل الاتصال وتكنولوجيات الإعلامية مما حول العالم إلى قرية كونية.
والاقتصاد المعولم يتسم، إلى جانب ما يوفّره من فرص، بخصائص يؤدي التغافل عنها إلى التفريط في هذه الفرص والتخلف عن ركب التقدم وربما الخروج من التاريخ :
- فهو اقتصاد يتطور بسرعة مذهلة تفرض على كل من يروم متابعة نسقه مرونة فائقة وقدرة على التكيف الآني مع المستجدات،
- وهو اقتصاد لا يعترف بالحواجز والحدود ولا مجال فيه لمن لا يتحكم في شبكاته وقنواته ومسالكه الوعرة،
- وهو اقتصاد حاد التنافس يتطلب مستوى رفيعا من الجدوى والجودة والمصداقية، النزول تحته قيد أنملة يفقد صاحبه ما اكتسبه من حصة في سوق ضارية لا تعترف إلا بقيم المبادلات والمضاربة،
- وهو اقتصاد عماده المعرفة يتطلب قدرة فائقة على التعلم المستمر واستنباط الحلول الكفيلة بإحراز السبق والريادة،
ويلاحظ المتتبّع للتحوّلات التي تجدّ في عالم اليوم أنّ الأمم الأكثر وعيا بطبيعة هذا الطور التاريخي تستعد لمجابهتها ورفع تحدّيتها المستقبلية بإعطاء الأولوية في اهتماماتها للتربية والتكوين والتعليم. ولا يوجد بلد اليوم ليس منشغلا بمراجعة جذرية لمنظومته التربوية والتكوينية.
وتدل المؤشرات أن مستقبل المؤسسة التربوية والتكوينية سيشكل مجالا من أهم مجالات التنافس بين الأمم المتسابقة من أجل احتلال المواقع الفاعلة في العولمة وتحدياتها الاقتصادية والثقافية وأن كل أمة تفوت على نفسها فرصة تأهيل تعليمها ستكون "أمة في خطر".
ومن نتائج التحولات الاقتصادية والثورة التكنولوجية بروز الموارد البشرية كعنصر محوري في التنمية وفي احتلال المواقع الفاعلة في الاقتصاد المعولم وكسب رهان المنافسة العالمية الضارية التي تحركها المصلحة. فالموارد البشرية القادرة على منح المؤسسة الاقتصادية الميزات التفاضلية التي تجعلها تحتل المراكز المتقدمة تنطبق عليها المواصفات التي تعرض لها بارني[6]Barney في نظريته حول أهمية الموارد وتصنيفها وهي :
- القدرة على تقديم الإضافة للمؤسسة،
- ندرة الوجود،
- لا يمكن تقليدها بسهولة،
- لا يمكن تعويضها بيسر.
ويؤكد خبراء التصرف في الموارد البشرية أن أول تحد تواجهه مؤسسة الإنتاج اليوم يتمثل في قدرة مواردها البشرية على كسب رهان الجودة والتأقلم مع المستجدات واستباق التغيرات والقدرة على التجديد والابتكار.

6. متطلبات النهوض بالتدريب المهني والتعليم التقني بالوطن العربي :

للنهوض بالتعليم التقني والتدريب المهني لا بد من تلبية متطلبات من دونها لا يمكن الحديث عن منظومة متكاملة للتعليم التقني والتدريب المهني. ولا يعني ذلك التقيد بمنهج معين أو نقل تنظيم نجح في بلدان أخرى، فلكل مجتمع خصائصه والنماذج المؤدية للنجاح متعددة. غير أن هذه الاعتبارات لا تمنع من توخي منهجية عامة توحد التفكير في إطار منسجم وموائم لمهام ووظائف التعليم التقني والتدريب المهني. والخيط الناظم في هذا التوجه يقضي بتشخيص دقيق لمهام التدريب المهني وتحديد ملامح العلاقة بينه وبين احتياجات سوق العمل من المهارات، كما يجب أن يشمل هذا التشخيص العوامل الرئيسة المؤثرة في العملية التدريبية على مستوى المنظومة وعلى مستوى مختلف مراحل الأداء. ويمكن حصر أهم العوامل في النقاط التالية :
- منظومة للتدريب المهني تمتلك مقومات النجاح
- نظام معلومات حول سوق العمل جيد الأداء
- شراكة فاعلة بين منظومة التدريب المهني ومؤسسات الإنتاج
- الانسجام مع المواصفات العالمية و الاقتراب منها

مقومات منظومة التدريب المهني

الشرط الأول والأساسي لنجاح منظومة التدريب المهني أن يتم تحديد الجهات المنتفعة بخدمات هذه المنظومة بصفة شاملة. ولئن تضع عديد الجهات سوق العمل كمستهدف رئيسي لمنظومة التكوين المهني فإنه يصح أن توضع أطراف أخرى في هذه المعادلة ومنها خاصة طالبي العمل وحاجيات الاستثمار. والاستجابة إلى حاجيات جهة من هذه الجهات الثلاث لا تتعارض مع احتياجات الجهات الأخرى فالمسالة مسألة أبعاد مختلفة لنفس الموضوع ورؤية شمولية تضع في الميزان جميع العناصر. فكلما حسّنت منظومة التدريب المهني من استجابتها لحاجيات القطاعات الإنتاجية إلا وقدمت خدمة مجدية ونافعة لطالبي العمل بتمكينهم من تحسين تشغيليتهم وإعطائهم أسلحة إضافية لاقتحام سوق العمل.
وبالنظر إلى ما تم تقديمه حول منظومات التدريب المهني والتعليم التقني بالمنطقة العربية يتبين أن بناء منظومات متطورة يمر حتما عبر وضع استراتيجيات تأخذ بعين الاعتبار جملة من الخصائص من بينها :
- إطار تشريعي ملائم لمقتضيات المرحلة ويمكن من توحيد الأهداف والتوجهات وتحديد مجالات التدخل. ويُمْكِن إما توحيد كل مؤسسات التدريب المهني تحت إشراف إدارة واحدة (وزارة أو هيئة إشراف) أو الإبقاء على تعدد المتدخلين لكن مع توحيد الإشراف البيداغوجي فيما يتعلق بالمناهج التدريبية وطرق إعدادها ومتابعة تنفيذ البرامج وتقييم مكتسبات المتكونين وطرق انتداب المدربين وتدريبهم،.... ويعني ذلك في صورة تواجد عديد الإدارات المشرفة على التدريب المهني ضرورة حصر دور الإشراف البيداغوجي في إدارة واحدة تستجيب كل الجهات المتدخلة إلى الضوابط العامة التي تضعها.
- ربط علاقات وطيدة مع جهات الإنتاج والإصغاء إليها والتعرف المباشر على طلباتها من المهارات ومدها بخدمات إضافية مثل التدريب المستمر للعاملين والمساعدة الفنية خاصة بالنسبة إلى المؤسسات الصغرى.
- التوجه نحو تطوير حاكمية المؤسسات التدريبية عن طريق بعث مجالس إدارات مستقلة بإمكانها أخذ القرارات وتسيير التصرف في المؤسسة طبقا لعقود برامج أو أهداف بين المؤسسة التدريبية والجهة الممولة (الدولة أو منظمة أصحاب عمل،...).
- بناء مؤسسات تدريبية عصرية وتحتوي على التجهيزات الضرورية للتدريب وإكساب المتدربين المهارات المستهدفة.
- توفير الموارد المالية طبقا للأهداف الموضوعة ومراعاة حسن التصرف فيها، والعمل على الحصول على تمويلات ذاتية عبر تقديم خدمات بمقابل للمؤسسات الاقتصادية أو للأفراد.
- العناية بالموارد البشرية في مستوى التأطير والتصرف والتدريب.

نظام معلومات حول سوق العمل جيد الأداء

منظومات التدريب المهني مطالبة بالتفاعل مع احتياجات سوق العمل وهو ما يقتضي وجود نظام معلومات جيد الأداء محين باستمرار موثوق به ويتصف بالشفافية ويقدم المساعدة على أخذ القرار لكافة المتدخلين في سوق العمل من مؤسسات إنتاج ومؤسسات تدريب مهني.

شراكة فاعلة بين منظومة التدريب المهني ومؤسسات الإنتاج

كتب الكثير حول الشراكة بين منظومة التدريب المهني ومؤسسات الإنتاج وللشراكة عديد الأوجه ولا يمكنها أن تكون فاعلة إن لم تتطرق إلى جميع المراحل التي تمر بها العملية التدريبية. ويمكن تلخيصها في ما يلي :
- تشخيص حاجيات القطاعات الاقتصادية من المهارات ويمكن القيام بها عن طريق تبادل المعلومات والقيام بدراسات مشتركة لتحديد حاجيات النشاطات الاقتصادية المرغوب في توفير المهارات لها. وتستغل في هذه العملية جميع المعطيات المتوفرة من خلال الدراسات التي تقوم بها جهات مختصة.
- إعداد مناهج التدريب، وتشارك مؤسسات الإنتاج في هذه العملية عن طريق العاملين ممن يحذقون المهن المستهدفة ورؤساءهم كما يتم تطعيم أعمال الفرق الفنية المشتركة بالتوجهات العالمية في المجال ونتائج الدراسات الاستشرافية حتى يمكن أثراء المناهج التي يتم إعدادها وإعطائها البعد العالمي والبعد المستقبلي.
- المشاركة في تسيير مؤسسات التكوين طبقا لما تمت الإشارة إليه سابقا
- المشاركة في تنفيذ العمليات التدريبية عن طريق التدريب بالمؤسسة الاقتصادية بما يساعد على تكوين مهارات أقدر على الاندماج السريع في سوق العمل ومسايرة متطلبات أداء العمل بالمؤسسة الاقتصادية والتخفيض في كلفة التدريب وتطوير قدرة استيعاب منظومة التكوين المهني. على أنه ينبغي التثبت من قدرة المؤسسة على توفير الظروف الملائمة لإكساب المتدربين الكفاءات المستهدفة وتأطيرهم عن طريق عملة مهرة أو رؤساء فرق لهم القدرة على التبليغ إلى جانب حذقهم للمهنة المعنية. ومن المستحسن أن لا تنساق المنظومات وراء بغية تحقيق أرقام مرتفعة في هذا المجال وأن تفضل النوعي على الكمي فليست كل الاقتصاديات قادرة على محاكاة النمط الألماني الذي بني على مدى قرون.
- المشاركة في تقييم مكتسبات المتكونين عن طريق المساهمة في لجان الامتحانات والإشراف على إعداد مشروعات ذات بعد تدريبي يمكن إدماجها بالمناهج التعليمية.

الانسجام مع المواصفات العالمية و الاقتراب منها.

ويمثل هذا الهدف مطمحا شرعيا وتحديا هاما لا بد من رفعه لأن ما سلف ذكره حول العولمة يؤدي حتما إلى توحيد طرق الإنتاج وأساليب العمل فضلا عنى استعمال نفس الآلات والتكنولوجيات. وسيتدعم هذا التوجه خلال السنوات القادمة ولذا سيكون من الضروري والمتأكد تدارس أهم المواصفات العالمية لمنظومات التدريب المهني والاهتداء بها. ولا يعني ذلك نقلها وإنما ملاءمتها لأوضاع كل بلد بما يحقق له تطوير منظومته طبقا للمواصفات التي يرتضيها. وأهم المواصفات العالمية الحالية تتمثل في :
- اعتماد الجودة، والجودة هي تمشي ودراية وتطبيق وتجديد لا يعرف نهاية. فمفهوم الجودة اليوم هو الاستجابة لما يرغب فيه الحريف طبقا لمواصفات يتم الاتفاق عليها مسبقا.
- اعتماد مقاربات بيداغوجية حديثة تنبني على تشخيص الكفايات انطلاقا من مواصفات المهن المستهدفة. وتمكن الاستفادة من العمل الهام الذي أنجزته منظمة العمل العربية والمتعلق بالمعايير المهنية. وهو إلى جانب كونه عمل علمي ذو قيمة عالية، يُمّكن المشرفين على التدريب المهني وأصحاب الأعمال من التحاور باستعمال مفاهيم موحدة كما يُمّكن من قطع خطوة هامة على درب تقريب منظومات التدريب المهني العربية من يعضها البعض.
- تثمين مكتسبات الخبرة بما يمكن من اختصار آجال التدريب وتمكين الأفراد من حقهم في الاعتراف بما اكتسبوه من كفايات خارج مواطن التدريب
- إعداد المتدربين للتعلم والتكون مدى الحياة
- وضع الآليات المناسبة لتشجيع المؤسسات الاقتصادية على تدريب العاملين بها عن طريق التدريب المستمر الذي أصبح ضروري وحتمي لكل مؤسسة تروم مسايرة نسق التطور التكنولوجي وتطوير طرق وأساليب الإنتاج.

7. الخلاصة : اقتصاد متكامل وتدريب مهني وتعليم تقني ملائم

من أهم الرهانات التي تواجه الأمم اليوم رهان التشغيل. ويتمثل هذا الرهان في الحفاظ على مواطن العمل من ناحية، وخلق مواطن عمل جديدة من ناحية أخرى. فكل البلدان مدعوة لا فقط إلى المحافظة على الرصيد الحالي لمواطن العمل بل كذلك إلى تعزيز قدرتها على توفير مواطن عمل جديدة، فضلا عن حسن الاستفادة من الفرص التي يتيحها الاقتصاد المعولم علما أن عالم الإنتاج يتطوّر باستمرار وخريطة المهن تشهد تجدّدا متسارعا قد يفضي إلى انحسار دائرة التشغيل إن لم يتم التهيؤ له بما يلزم على كلّ المستويات المعنيّة.
فتجدّد خارطة المهن والمهارات وتحوّل طبيعة العمل الذي بدأ يفقد بعده المادي لصالح طابعه المعرفي والفكري بالتوازي مع تنامي اقتصاد المعرفة والاقتصاد اللامادي وما يتطلبه من كفايات مستحدثة أدّت إلى طرح مسألة، إعداد الموارد البشريّة وفق معطيات وتمشيّات ومعايير جديدة تختلف جوهريا عما تعودناه منذ الثورة الصناعيّة. فالثورة التكنولوجيّة الحديثة تحتاج أفرادا قادرين على مجابهة مهام سريعة التغيّر ومواكبة آنية لمهن جديدة لم يتدربوا عليها وعلى مجاراة حياة مهنيّة مرشحة للتحوّل المطّرد وعلى تحسين مهاراتهم وكفاياتهم باستمرار، هذا فضلا عن القدرة على المبادرة وإيجاد الحلول الوجيهة لكل وضع مستجد والاستعداد للتجديد والابتكار. فلم يعد اليوم من معنى للمعرفة دون ربطها بالعمل ولا معنى للعمل ما لم تسنده معرفة محيّنة وتمكّن من منطق التكنولوجيا الحديثة...
فهذه الكفايات تكتسب مبكرا كما تكتسب على امتداد الحياة...وتكتسب في المدرسة وفي مراكز التدريب وفي مواقع العمل. ومنظومة إعداد الموارد البشريّة وتأهيلها مطالبة اليوم باستنباط لحلول الكفيلة بإكسابها للناشئة ومواصلة دعمها وتطويرها لدى العاملين في مواطن العمل وعلى امتداد حياتهم المهنيّة...ولا يخفى ما يتطلب ذلك من مواكبة مستمرة للتحوّلات واستشراف للمستقبل...
ولأصحاب العمل دور هام في دعم هذه التوجهات بما يمكن أن يوفرونه من فرص للالتقاء والتحاور مع المشرفين على التدريب المهني والتعبير عن حاجياتهم من المهارات وفتح مؤسساتهم لتدريب الناشئة والمساهمة في كل ما يحف بالعملية التدريبية. فالمؤسسة الاقتصادية، إلى جانب دورها الهام في الفعل الاقتصادي التنموي، أصبحت تلعب أدوار أخرى ذات بعد اجتماعي وإنساني. والعديد من المفكرين والسياسيين أصبحوا يقدمون لمواصفات جديدة يمكن أن تصنف المؤسسات على أساسها ومن أهمها المحافظة على البيئة ولعب دور "المواطنة" . وهذا الدور يمكن أن تلعبه المؤسسة بمساندتها للثقافة أو العمل الاجتماعي أو الرياضة وهي مجالات يحق للمؤسسات المساهمة فيها كعمل اجتماعي اختياري وتطوعي أما المساهمة في عملية تنمية الموارد البشرية فهي في نفس الوقت عمل مواطنة وترتقي إلى مرتبة الواجب لأن النفع العائد إلى المؤسسة مباشر والضرر المتأتي من عدم القيام به مؤكد.
(منقول)
خالد البلوشي
اخصائي تدريب